تشهد المملكة زخماً اقتصادياً ملحوظاً منذ بداية العام الحالي، فيما تتجه الأنظار نحو المرحلة التنفيذية المقبلة من رؤية التحديث الاقتصادي باعتبارها مشروعاً وطنياً متكاملاً يهدف إلى تحقيق نمو مستدام وتنمية شاملة.

وفيما تتسارع الخطوات الحكومية لوضع البرنامج التنفيذي الثاني للرؤية، حدد خبراء ومختصون، في حديث لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، مجموعة من الأولويات الحاسمة التي يجب التركيز عليها للبناء على المؤشرات الإيجابية الحالية.

استقطاب الاستثمارات وزيادة الإنفاق الرأسمالي

اقرأ أيضاً: انتعاش التجارة مع سوريا يرفع بيانات التخليص بالأردن إلى 536 ألف في بيان بالنصف الأول من 2025

أجمع الخبراء على أن القدرة على استقطاب استثمارات نوعية، أجنبية ومحلية، تمثل المفتاح الرئيسي لدفع عجلة النمو الاقتصادي.

وقالت المديرة التنفيذية لمنتدى الاستراتيجيات الأردني، نسرين بركات، إن التركيز يجب أن يكون على الاستثمارات ذات القيمة المضافة العالية والمرتبطة بالموارد المحلية لتوفير فرص عمل حقيقية للشباب.

وفي السياق ذاته، شدد رئيس قسم الاقتصاد في الجامعة الأردنية، الدكتور رعد التل، على ضرورة إعادة توجيه الإنفاق الرأسمالي نحو مشروعات إنتاجية واستراتيجية تساهم مباشرة في النمو.

ودعا إلى رفع نسبة هذا الإنفاق إلى الناتج المحلي الإجمالي لتصل تدريجياً إلى 6%، مع ضمان عدالة التوزيع الجغرافي برفع حصة المحافظات إلى ما لا يقل عن 25% لتعزيز التنمية المحلية.

تسريع المشاريع الكبرى ودعم القطاعات التصديرية

برزت الدعوات لتسريع وتيرة تنفيذ المشروعات الكبرى المحفزة للنمو كأولوية قصوى.

وأشار ممثل قطاع الصناعات الحرفية في غرفة صناعة الأردن، المهندس فواز الشكعة، إلى أهمية مشاريع البنية التحتية الاستراتيجية مثل السكك الحديدية، والنقل العام، والطاقة المتجددة، والناقل الوطني لتحلية المياه.

وأكد الخبير الاقتصادي الدكتور حازم الرحاحلة، الذي يشغل أيضاً منصب مدير عام غرفة صناعة الأردن، أن هذه المشاريع تمثل روافع استراتيجية لا بد من الإسراع في تنفيذها.

ولتعزيز القدرة التنافسية للصناعة الوطنية، دعا الشكعة إلى مدّ المدن الصناعية بالغاز الطبيعي لخفض كلف الإنتاج، ودعم القطاعات التصديرية ذات الأولوية كالصناعات الدوائية والغذائية.

وأكد أن "دعم الصادرات الصناعية والوطنية يعد أولوية استراتيجية" تتطلب فتح أسواق جديدة وتعزيز أدوات الترويج الخارجي.

التحول الرقمي والحوكمة كأدوات للنجاح

اتفق المعنيون على أن تسريع وتيرة التحول الرقمي وتمكين الاقتصاد الرقمي لم يعد خياراً، بل أصبح رافعة أساسية لتحسين الكفاءة وتسهيل الإجراءات وتوليد فرص جديدة.

واعتبر الشكعة أن نجاح البرنامج التنفيذي المقبل يعتمد بشكل أساسي على الشفافية، والحوكمة، والمساءلة، بالإضافة إلى إشراك حقيقي للقطاع الخاص لضمان المتابعة والتقييم المستمر.

من جهتها، أكدت بركات أن التنمية الحقيقية لن تتحقق إلا بتكاتف الجهود بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني والقطاع الأكاديمي. ودعا الدكتور الرحاحلة إلى مراجعة جادة للتحديات التنظيمية التي قد تبطئ النمو، وفتح حوار مسؤول لإيجاد حلول فعالة